كنــــــوز رمضـــــانيه
أنعم الله سبحانه وتعالي على عباده بالعديد من الكنوز والحسنات في شهر رمضان الكريم، كنوز لا تحتاج إلا الأخلاص في العبادة ونية التقرب إلى وجه الله تعالى.
- القرآن
كلام الله تعالى وكفى بالمسلم شرفًا أن يتقرب به إلى ربه بتلاوة كلامه سبحانه وتعالى، والعمل به، وتحكيمه منهاجًا لحياته.
فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشرة أمثالها لا أقول آلم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف".
فإن كانت قراءة حرف واحد بحسنة والحسنة بعشر أمثالها، والله يضاعف لمن يشاء، فانظر إلى قارئ القرآن كم يأخذ من الحسنات، وانظر إلى من يهجر القرآن كم ضاع عليه من حسنات.
- الاستغفار للغير:
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، فكثير من الناس يرى أن حب الغير يكون بحب النفع لهم، ويضربون على ذلك مثالا أن تحب لأخيك الغني كما تحب لنفسك، وإن أحببت أن تكون صحيحا فأحب لغيرك الصحة والعافية.
إلا أن مفهوم قصر محبة الخير للغير على أمور الدنيا، يعتبر مفهوم قاصر، فالمسلم يحب لأخيه ما يحبه في الدنيا من الصلاح، والفوز والعافية في الآخرة، فإن كان يحب الجنة فيحب لأخيه الجنة، وإن كان يحب الدرجات العلا، فالبمثل لأخوانه.
فمن علامات حب المؤمن لأخيه أن يستغفر له لينال الثواب، فإن قال: :اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات"، فله بكل مسلم حسنة، وهذا من روابط الإيمان الحق بين المسلمين.
فإذا كان لك بكل دعوة لمؤمن أو مؤمنة حسنة فكم عدد الحسنات التي ستأخذها إن دعوت للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات؟.
- التراويح
وكلمة تراويح نفسها مشتقة من التنزه وطلب الراحة، ومن هنا، فإن صلاة التراويح راحة لبدن المسلم، ونزهة لقلبه، ومن لم يذق طعم الراحة في صلاته، فليست بتراويح.
يقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: "أرحنا بها يا بلال" (أي بالصلاة).
ويقول النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه".
فلو أننا نطمع في رحمة الله تعالى ومغفرته، هو الحرص والتعود على صلاة القيام بين يدي الله تعالى، فهي لذة لا مثيل لها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم الليل طول العام.
كما أن من ثمرات القيام نيل درجة الصديقين والشهداء عند الله تعالى، فعن عمرو بن مرة الجهني قال: "جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من قضاعة فقال: يا رسول الله، أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك محمد رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وصمت الشهر، وقمت رمضان، وآتيت الزكاة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من مات على هذا كان من الصديقين والشهداء".
- نخيل الجنة
نخيل الجنة حيث يبقى النعيم خالدا لا يزول ولا يتحول ولا يتبدل ولا يتغير.
يمكن لكل مسلم أن يذكر كلمات لن تعوقه على أداء أي عمل ليزرع بيديه نخيلا في الجنة، فيقول: "سبحان الله العظيم وبحمده".
- أنتظار صلاة الضحى بعد الفجر
أن أبسط ما يمكن أن يقوم به المسلم في هذه الدنيا هو الحصول على الحسنات وبأبسط الأفعال الممكنة، فكما أمكنك أن تزرع نخيلا في الجنة بقول من أربع كلمات، هناك طرق آخرى عدة لأكتساب المزيد والمزيد من الحسنات.
فعلى سبيل المثال لو صلى الإنسان الفجر ثم مكث حتى صلاة الضحى يذكر الله تعالى، عمل عظيم له أجر كبير، فجلوس المسلم ذاكرا الله تعالى داخل بيوت الله، يجعل له نصيبا كبيرا من الحسنات.
وعلى الرغم من ذلك فقد من الله على عباده ليبسط لهم أمور دنياهم، فجعل بضع كلمات تعدل الجلوس لإنتظار صلاة الضحى بعد الفجر: "سبحان الله وبحمده، عدد خلقه ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته". مكررة ثلاث مرات.
عن جويرية رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: "ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت: نعم. قال صلى الله عليه وسلم: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت هذا اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته".
- الصلاة في بيوت الله
يقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: "من غدا إلى المسجد أو راح، أعدّ الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح".
ويقول الله عز وجل: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ. رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ" (سورة النور، الآيتين:36 - 37)
فمن كان يداوم على الذهاب إلى بيوت الله فإن الله تعالى يعد له مكانا في الجنة .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه"
كما بشر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الحريصين على الذهاب للمساجد فقال: "بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة".
وقال أيضا: "عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة".
وعن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعا وعشرين درجة وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة لا يريد إلا الصلاة فلم يخط خطوة إلا رفع له بها درجة وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة هي تحبسه والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون اللهم ارحمه اللهم اغفر له اللهم تب عليه ما لم يؤذ فيه ما لم يحدث فيه".
ومن حق المساجد على المسلم ما رواه الإمام القرطبي عن أحد العلماء قال: "من حرمة المسجد أن يسلم وقت الدخول إن كان القوم جلوسا، وإن لم يكن في المسجد أحد قال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وأن يركع ركعتين قبل أن يجلس، وألا يشتري فيه ولا يبيع، ولا يسل فيه سهما ولا سيفا، ولا يطلب فيه ضالة، ولا يرفع فيه صوتا بغير ذكر الله تعالى، ولا يتكلم فيه بأحاديث الدنيا، ولا يتخطى رقاب الناس، ولا ينازع في المكان، ولا يضيق على أحد في الصف، ولا يمر بين يدي مصل، ولا يبصق، ولا يتنخم، ولا يتمخط فيه، ولا يفرقع أصابعه، ولا يعبث بشيء من جسده، وأن ينزه عن النجاسات والصبيان والمجانين، وإقامة الحدود، وأن يكثر ذكر الله تعالى ولا يغفل عنه. فإذا فعل هذه الخصال فقد أدى حق المسجد، وكان المسجد حرزا له وحصنا من الشيطان الرجيم".
- الاستغفار
إن أردت غفرانا للذنوب، وتفريجا للكروب، وإضعافا للشيطان، وجلاء لصدأ القلب، ومحبة الله، وأمانا من العذاب، فسارع بالاستغفار، واجعل لك وردا منه، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من مائة مرة".
يقول ربنا سبحانه وتعالى: " وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ" (سورة آل عمران، الآية: 135)
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى: "يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي, يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة".
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له ومن يسألني فأعطيه ومن يستغفرني فأغفر له".
أن الاستغفار من الذنوب يفرج الهموم والكروب، فقد روى النسائي وأبو داود وابن ماجه والبيهقى عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب".
ويقولى المولى العزيز في كتابه الكريم: " فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً. يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً) (سورة نوح، الآيات 12:10)
وقال تعالى: "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ" (سورة آل عمران، الآية:133)
كما جاء في الحديث: "عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار، فأكثروا منهم فإن إبليس قال: أهلكت الناس بالذنوب، وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار، فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء، وهم يحسبون أنهم مهتدون".
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن استطعتم أن تكثروا من الاستغفار فافعلوا، فإنه ليس شيء أنجح عند الله ولا أحب إليه منه".